الترفيه والثقافة الشعبية

ماذا يوجد داخل هرم خوفو الهرم الأكبر؟

يعد الهرم الأكبر في الجيزة أحد أشهر المعالم الأثرية في مصر القديمة وأكثرها إثارة للإعجاب. وهو الأقدم والأكبر من بين الأهرامات الثلاثة التي تقف على هضبة الجيزة، وقد بُنِيَ كمقبرة ملكية للفرعون خوفو، المعروف أيضاً باسم (Cheops) حوالي عام 2550 قبل الميلاد. ولكن ما الذي يوجد بالضبط داخل هذا الهيكل الضخم؟ وما هي الألغاز والأساطير التي تحيط به؟ وكيف تمكن المصريون القدماء من تشييد مثل هذا الصرح الضخم والمعقد؟

هيكل هرم خوفو

يتكون الهرم الأكبر من حوالي 2.3 مليون كتلة من الحجر الجيري المقطوع، يبلغ وزن كل منها 2.5 طن في المتوسط. كان الارتفاع الأصلي للهرم 147 متراً، أي حوالي 45 طابقاً، لكنه فقد بعضاً من أحجار غلافه الخارجي مع مرور الوقت، مما قلل ارتفاعه الحالي إلى 139 متراً. وتغطي قاعدة الهرم مساحة 13.1 فداناً (5.3 هكتاراً)، ويبلغ طول كل جانب 230.4 متراً عند القاعدة. ويصطف الهرم مع الجهات الأساسية الأربعة، وتتجه جوانبه نحو الشمال والجنوب والشرق والغرب.

يتكون الهرم من ثلاث غرف رئيسة: غرفة الملك، وغرفة الملكة، والغرفة الجوفية. غرفة الملك هي الأعلى والأكبر بين الغرف الثلاثة، وفيها تابوت خوفو الجرانيتي، وهو فارغ ومتضرر. تقع الغرفة في وسط الهرم، ويتم الوصول إليها عن طريق ممر صاعد ضيق يؤدي من الصالة الكبرى، وهو عبارة عن مدخل محصن ينحدر إلى أعلى من مدخل الهرم. وترتبط غرفة الملك أيضاً بعمودين صغيرين يشيران إلى السماء الشمالية والجنوبية، ربما للتهوية أو لأغراض رمزية.

إن تسمية غرفة الملكة خاطئة؛ لأنها لم تكن مخصصة لدفن الملكة على الإطلاق. وتقع أسفل حجرة الملك، ويمكن الوصول إليها عن طريق ممر أفقي يتفرع من الممر الصاعد. تحتوي الغرفة على سقف مدبب ومكانة على الجدار الشرقي، ربما كانت تستخدم لتمثال أو طقوس. وللغرفة أيضاً عمودان يشيران إلى الشمال والجنوب، لكنهما لا يصلان إلى الجزء الخارجي من الهرم.

الغرفة الجوفية هي الأدنى والأقل اكتمالاً من بين الغرف الثلاث. تقع أسفل قاعدة الهرم، ويمكن الوصول إليها عن طريق ممر هابط يبدأ من المدخل الأصلي للهرم على الوجه الشمالي. تتكون الحجرة من حفرة مستطيلة كبيرة وحجرة أصغر تؤدي إلى طريق مسدود. الغرض من هذه الغرفة ووظيفتها غير معروفين، لكنها ربما كانت جزءاً من المخطط الأصلي للهرم قبل توسيعه وتعديله.

أسرار وأساطير هرم خوفو الهرم الأكبر

لقد أبهر الهرم الأكبر وأثار اهتمام الناس لعدة قرون، كما ألهم العديد من الأساطير والنظريات حول أصله والغرض منه وأسراره. ومن بين الأفكار الأكثر شهرة وإثارة للجدل ما يلي:

1 -بُنِيَ الهرم من قبل كائنات فضائية أو حضارة متقدمة تمكنت من الوصول إلى التكنولوجيا والمعرفة المتطورة. وتستند هذه النظرية إلى افتراض أن المصريين القدماء لم يتمكنوا من بناء مثل هذا الهيكل الضخم والدقيق دون مساعدة خارجية. ومع ذلك، لا يوجد دليل ملموس يدعم هذا الادعاء، وهو يتجاهل إنجازات وبراعة المصريين القدماء، الذين طوروا نظاماً معقداً من الرياضيات وعلم الفلك والهندسة المعمارية وغيرها من أنواع الهندسات.

2 -يشفر الهرم الرسائل والمعلومات المخفية حول ماضي البشرية وحاضرها ومستقبلها. وترتكز هذه النظرية إلى تفسير أبعاد الهرم ونسبه واصطفافاته باعتبارها ذات أهمية رمزية وعددية. على سبيل المثال، يدعي البعض أن الهرم يمثل الخريطة الجغرافية والزمنية للعالم، أو أنه يحتوي على أسرار الحكمة والنبوة القديمة. ومع ذلك، غالباً ما تستند هذه الادعاءات إلى حسابات وافتراضات اعتباطية وغير موضوعية، وتفتقر إلى الصحة العلمية والتاريخية.

3 -يتمتع الهرم بقوى وخصائص غامضة يمكن أن تؤثر على العالم المادي والروحي. وتقوم هذه النظرية على الاعتقاد بأن الهرم هو مصدر للطاقة والاهتزازات التي يمكن أن تؤثر على جسم الإنسان وعقله، وكذلك على البيئة والكون. على سبيل المثال، يدعي البعض أن الهرم يمكنه شفاء الأمراض، أو الحفاظ على الطعام، أو تعزيز القدرات النفسية، أو تغيير الطقس. ومع ذلك، فإن هذه الادعاءات لا تدعمها أي أدلة تجريبية أو عقلانية، وغالباً ما تستند إلى تجارب قصصية وذاتية وخرافات وأساطير.

بناء هرم خوفو

يعد الهرم الأكبر إنجازاً هندسياً وحِرَفِيّاً رائعاً، ويعكس مهارة المصريين القدماء وتنظيمهم. وقد مرت عملية بناء الهرم بعدة مراحل وتحديات، مثل:

1 -المحاجر ونقل الحجارة: استُخْرِجَت كتل الحجر الجيري المستخدمة في قلب الهرم وغلافه من التلال القريبة، بينما جُلِبَت كتل الجرانيت المستخدمة في الغرف الداخلية والتابوت من أسوان، على بعد حوالي 800 كيلومتر. فيما قُطِّعَت الحجارة وشُكِّلَتْ باستخدام الأدوات النحاسية والرمل، ونُقِلَتْ بالزلاجات والقوارب والمنحدرات إلى موقع الهرم.

2 -تصميم ومحاذاة الهرم: استَخدم المصريون القدماء طريقة بسيطة ولكنها فعالة لتحديد اتجاه الهرم وشكله. واستعملوا جهازاً يسمى “مرخت”، والذي يتكون من خط رأسي وأداة رؤية، لمراقبة النجوم والشمس، وتحديد محاور الهرم الشمالية والجنوبية والشرقية والغربية. كما استخدموا جهازاً يسمى السكيد، وهو عبارة عن قضيب خشبي بمقياس وحدات عرض الكف، لقياس ميل وزاوية جوانب الهرم.

3 -بناء وتشطيب الهرم: استخدم المصريون القدماء نظام العمال والمشرفين والإداريين للتنظيم والإشراف على بناء الهرم. وقُسِّمَ العمال إلى مجموعات مكونة من حوالي 200 رجل، لكل منهم اسم وقائد. عملت المجموعات في نوبات وتناوبات، وتم تزويدهم بالطعام والماء والرعاية الطبية. كان المشرفون مسؤولين عن جودة العمل ودقته، واستخدموا قضبان القياس وأدوات التسوية لضمان دقة الهيكل وثباته. كان المشرفون مسؤولين عن الخدمات اللوجستية والموارد، وكانوا يحتفظون بسجلات وحسابات للمواد والعمال والتقدم المحرز في المشروع. بُنِيَ الهرم بطبقات أفقية تبدأ من القاعدة وتتجه نحو الأعلى. ورُكِّبَت الحجارة مع الملاط والمفاصل، وتم تنعيمها وصقلها بالأزاميل والرمل. تم الانتهاء من الهرم بوضع حجر الزاوية، أو الهرم، في الأعلى، والذي ربما كان مغطى بالذهب أو النحاس.

الهرم الأكبر بالجيزة هو شهادة على ثقافة وحضارة مصر القديمة. إنه نصب تذكاري يكشف قوة ومجد الفرعون، وعبقرية وإبداع المعماريين والمهندسين، وعمل وإخلاص العمال والكهنة. إنه أعجوبة استمرت وأذهلت آلاف السنين، وستستمر في ذلك لأجيال قادمة.

زر الذهاب إلى الأعلى